الحرية بين بلال و وحشي
" ماهي الحرية ؟ ".
الحرية؛ هي الحاجه اللي بنقعد طول حياتنا ندور عليها .. فكرة بتتولد جوانا وبتتطور مع مرور الأيام ..
في ناس كتير بالنسبالها الحرية دي هي عبارة عن قدرتك علي إظهار رأيك علناً والعمل به .. وناس تانيه بالنسبالهم هي عبارة عن حرية الإرادة والاختيار والتحرر من العبودية ..
اشكال الحرية عمرها ماكانت واحده؛ ومن وجهة نظري هي عبارة عن محاولة إكمال الفراغ الموجود داخل روح الإنسان ..
وانا قاعد بقرأ عن السيرة قابلني نموذجين فريدين من نوعهم جدا؛ سيدنا بلال بن رباح مؤذن رسول الله، و وحشي بن حرب قاتل حمزة ومسيلمة ..
الشخصيتين دول شوفت فيهم معاني تانيه للحرية مشوفتهاش في اي إنسان تاني ..
كل واحد فيهم عنده نوع مميز ..
نوع حريته تكونت من حبه للإسلام..
ونوع كل اللي كان عايزه انه يتعامل زي كل البشر من غير تفرقة اللون ..
النوع الأول وهو سيدنا بلال، احد العشرة المبشرين بالجنة، واحد اوائل الصحابة، ومولي أبي بكر الصديق ومؤذن رسول الله..
بلال؛ عندما عُلِم بإسلامه وهو عبدٌ عذبه سيده أمية بن خلف عذاباً شديداً، حتي وضع علي صدره حجارة كبيره .. وضعت علي صدره والشمس حارقة وحرارتها شديدة غليظة علي جلده ..
سيدنا بلال كان ردة فعله واحده وثابته رغم إزدياد عذاب أمية الدائم له ألا وهي: " أحدٌ أحد" .
" أحٌد أحد " .. كلمة لخصت كل اللي هو كان عايز يقوله، تحسه بيقول انا مُتقبل فكرة كوني عبد .. بس انا مش عبد أمية، أنا عبدٌ لله الواحد الأحد وبس ..
وفعلاً لما أمية زهق من عذابه لبلال وإصراره الشديد علي الإسلام جاله أبي بكر وطلب منه شراء بلال وبالفعل دفع فيه مبلغ رهيب لدرجة إن أمية قال لو كان خده ببلاش كنت وافقت ..
ولأن الإنسان في الأول وف الأخر إنسان.. في معركة بدر كان بلال مع رسول الله ضد المشكرين من قريش واللي كان موجود بينهم وقتها أمية ..
بلال في المعركة كانت عينه وتركيزه الدائم موجه لأمية وبس وبالفعل كَتب الله موت أمية بن خلف علي يد عبده السابق بلال بن رباح ..
الفرحة اللي كانت ف قلب سيدنا بلال وقتها كانت لا توصف والعجيب انه كان فرحان جدا بقتل أمية لوجه الله بس، عشان عملها لله ولنصرة دينه .. !
ف بلال اكتسب حريته من حُبه للإسلام حتي قيل عنه أنه يغار علي الإسلام..
رحم الله بلال، رحم الله مؤذن رسول الله..
علي الجانب الآخر يوجد وحشي بن حرب، صديق بلال، وقانل حمزة ومسيلمة الكذاب ..
في بدر، قُتِل أبو هند زوجة أبي سفيان واخوتها علي يد المسلمين، فغضبت غضباً شديداً ورغبت بالثأر من حمزة بن عبدالمطلب؛ عم رسول الله..
فطلبت من وحشي أن يذهب معها في غزوة أحد وقتل حمزة بحربته الذي امتاز باستخدامها وبالمقابل تعطيه ذهبها وحريته.. ففرح وحشي كثيراً وأعتقد ان تلك هي اللحظة التي انتظرها طوال حياته لينال اخيراً ماتمناه كثيراً وكثيراً..
فذهب وحشي وقتل حمزة وحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم علي موت اخوه في الرضاعه وعمه حزناً شديداً وعاش وحشي في مكة حُراً كالعبيد، فلم ينسي أهل مكة قط انه كان عبداً ولم يتحقق مناله حتي بعد قتله أسد الله؛ حمزة بن عبدالمطلب..
وعند فتح مكة هرب منها خوفاً من رسول الله مُتجهاً الي الطائف .. وعند فتح الطائف كان يختبأ عند الجبال فإذا ببلال يأتيه ويقول له ان رسول الله يعطيك الأمان فتعالي معي، فقال له وحشي كيف وانا قتلت عمه ؟ فرد عليه بلال بأن الإسلام دين تسامح ولقد سامحك رسول الله..
وبالفعل ذهب وحشي إلي رسول الله وطلب منه الرسول بأن يخرج ولا يريه وجهه بعد اليوم .. وبالفعل لم يراه الرسول حتي توفي صلي الله عليه وسلم..
وكالعادة كمل وحشي حياته يعامل معاملة العبيد وكلما ذهب إلي مكان عُرف بقاتل حمزة ..
حتي قرر أن يذهب مع المسلمين للجهاد، وقبل الحرب مع مسيلمة قال بهذه الحربة قتلت خير الناس، وبهذة الحربة اقتل أشر الناس دفاعاً عن الإسلام..
وبالفعل قتل مسيلمة وظل يصيح في أرض المعركة قتلت مسيلمة الكذاب، قتلت أشر الناس ..
فعُرف بعدها بقاتل مسيلمة وللمرة الأولي في حياته يجد الحرية التي طالما تمناها .. وجدها نابعة في الإسلام ..
رحم الله وحشي، رحم الله قاتل مسيلمة ..
ف الحرية عبارة فعلاً عن عبودية..
عبودية مطلقة لله الواحد الأحد كما اكتشفها بلال ..
وهي الإيمان بأننا أحرار بقيود الإسلام التي لم تكن يوماً إلا المفتاح للراحة الأبدية كما اكتشفها وحشي..
Comments
Post a Comment